في جلسة حميمية تنحنح اللص في مجلس الملك و قال : إإذن لي يا مولاي بأن أفتح قناة فضائية … فقال الملك - و كان متكئا فجلس - : و ماذا يفعل مثلك بقناة فضائية أيها اللص ؟؟؟ فتدخل الشيخ الجليل و كان قد قبض مافيه النصيب - بعد أن رسم على وجهه إبتسامة تملق أظهرت أسنانه الصفراء - : أعز الله مولانا الملك … دعنا نسمع منه يا مولاي ، فهؤلاء اللصوص دهاة ماكرون ، أصحاب ذهن وقاد و أفكار لامعة ، فعسى أن يفيدنا بجديد .
الملك : هات ما عندك أيها اللص الحقير ..
اللص : فكرتي يا مولاي أن نستفيد من الفضاء المفتوح و ندخل السوق بفضائية جديدة ندس فيها للناس السم بالعسل ، فنأتي ببعض الحسان الساقطات - و ما أكثرهن - و نقدمهن على أنهن مطربات الزمن الجديد و نستخدمهن بالمرة كراقصات مبدعات ، و نقيم لسوء فعلهن المسابقات و نرصد لها الجوائز و المكافآت ، فتنشط الإتصالات و الرسائل الهاتفية - التي تتبع شركتنا الوطنية - ، و نأتي أيضا بفقيه جليل جميل لا يفقه بالدين إلا كما أفهم أنا بالشرف ، و نقدمه على أساس أنه - عالم من ظهر عالم و بطن - عالمة - و نقيم له الحملات الإعلانية التي تبرز دور أمه الفعال في تنشأته الفكرية و تربيته العصرية ، فهو قارئ و حافظ ، لأغاني العلامة عبد الحليم حافظ ، و ندعه يحكي للناس عن الحلال و الحرام - مع علمنا بأنه أكبر إبن حرام - ، فنقلب الحق باطلا و الباطل حقا ، فيمتنع الناس من الحديث عن الحرية و الديمقراطية ، باعتبارها أفكارا مبتدعة و غربية ، و يصبح الكلام في العدالة هرطقة ، وحقوق الإنسان كفر و زندقة ، و بهذا يتلهى الناس بالتفاهات ، و يتخدرون بالحديث عن الجحيم و الجنات ، و يخف عنكم يا سيدنا الصداع ، و تبقون - و نحن معكم - بالقمة و باقي الشعب بالقاع .
الملك : لله درك من لص حكيم ، تستحق أن أغدق عليك النعيم ، من أين أتيت بهذا الفكر البنّاء ؟ و كيف تخفي عنا هذا الذكاء ؟ أنت جدير بمنصب رئيس الوزراء !!
الشيخ : إنه تلميذي النجيب ، يا مليكنا الحبيب !!